Thursday 5 February 2009

مجلسنا الموقر


اليوم كنا على موعد مع اجتماع اقامه اتحاد الطلبة لجامعة دندي , فجامعة دندي لها استثمارات مع احدى الشركات التي تخصص جزء من ارباحها لتمويل الدولة الاسرائيلية , فكان الهدف من وراء هذا التجمع هو قطع العلاقة مع هذه الشركة و اغلاق باب الاستثمارات , فقرر الاتحاد الا ان يجمع طلبة الجامعة لابداء رأيهم اذا كانوا موافقين لهذا القرار ام لا , فكانت هناك مناظرة لمدة لاتزيد عن15 دقيقة لكلا الطرفين اعني بذلك الطرف المؤيد و المعارض , و من ثم يفتح الباب لبقية الطلبة الحضور ليبدوا آراءهم و لكل طالب الحق في التكلم لمدة 3 الى 5 دقائق حتى يتسنى لاكبر عدد من الطلبة أن يشاركواا , كان الجو مليئا ً بالحماس الديموقراطي فذلك المتعصب للقضية و يبدي رأيه بأدلة تاريخية , و آخر يتكلم بقلبه و عاطفته مستذكرا ً اطفال غزة , و آخر يعارض كلام احد الجماهير لانه انجرى الى موضوع سياسي متعلق بالدولتين , و هناك رئيس يدير هذا الاجتماع لكنه لا يمسك بمطرقة و لاحتى جهاز ميكروفون رئيسي ليقطع على احد المتكلمين , كان فقط يقول هذه الكلمة ( أرجوك كن في صلب الموضوع , أو شكرا لقد انتهى الوقت ) كان الجمهور يصفق و يحيي المؤيد و المعارض فوجهة النظر و ابداء الرأي حرية مكفولة للجميع و لا بد أن تُحترم , بعد ما يقارب الساعة ( حسب جدول الاجتماع ) اعلن البدء بالتصويت على الاقتراح , فرفعت الايدي واذا بها كثير فتمت الموافقة على القرار بكل يسر وسهولة , و حتى بعد التصويت شكر المؤيدين اولئك المعارضين على شجاعتهم في ابداء رأيهم و شكروهم على الديموقراطية التي آمنوا بها فصفق الجمهور تحية للديموقراطية 0

خرجت من ذلك المسرح و تجول بخاطري الصورة الجميلة للمناظرة , فهي شكل مصغر للاستجواب , و ما اعجبني رقي الحديث, فمن يتكلم يلتزم بالوقت المحدد له , و لا ترى في حديثه الفاظ شائبة فهو يتكلم بما هو متعلق بالموضوع و حتى اذا خرج عن النص الزمه رئيس الاتحاد بالموضوع لا غير , هؤلاء هم طلبة اكاديميين لم يرتقوا لفن التعامل الديموقراطي و لكنهم تميزا فيه 00
فعتبي علم مانراه في ساحتنا السياسية
فمجلسنا يعج بالصراخ و و الالفاظ النائية عن مجتمعنا وحتى وصل إلى التشابك بالايدي ولعل الحادثة الاخيرة بين النائبين الدقباسي و الحربش خير دليل
كل النواب يريدون التحدث وقبل أن يتلفظ النائب بأي كلمة يطلب من الرئيس و قت اضافي ( و هو للحين مابلش بياخذ وقته و وقت غيره) و عندما نتتهي فترته الزمنية و يقطع الصوت عن الميكروفون تراه يكمل حديثه معتمدا ً على قوة احباله الصوتية ( ما له داعي اقول منو)00
مجلسنا شيء غريب فاذا لم يوافق طرف معين الاخر برأيه اشتد غضبه كان سهلا عليه أن يرميه بالكأس ( بعد في واحد ما يذكر حذفة القلاس)00
مجلسنا اصبح مكانا ً لتثبيت المواقف فصارت عادة لكل حكومة تتشكل أن ينسحب نواب قبل القسم ( الله على الموقف, كان في مواقف وايدة الزم على النواب ان ينسحبون فيها بس تدرون لازم الحكومة هي اللي دايما ً غلطانة)00
اصبحت اتأسف على جاسم الخرافي ففي كل جلسة تتورم يداه من كثرة الامساك والضرب بالمطرقة ( و ما كو فايدة , تصدقون اتوقع كل شهر يبدلون مطرقته !)00
أنا لا أذم النواب و الحكومة و لا أقول انهم لا يعملون ولا يأدوون ما عليهم ( بس الله يهداهم بعض الشغلات اللي نشوفها تبط الجبد)00

اتمنى أننا نتغير و نرسم انطباعا ً جميلا ً عن ديموقراطيتنا التي أسست
منذ 1961 , حتى نخلد سياستنا الموقرة
والله من وراء القصد

الصورة - للأستاذ الصديق خالد المسعود

12 comments:

Salah said...

يا عزيزي يا بوحسين،

التجربة هذي اللي مريت فيها مع اتحاد الطلبة لا تقدر بثمن...

انت عشت بالجو الديمقراطي بشكل مباشر، وكتابتك عن الموضوع ونقلك لهذه التجربة لنا يعتبر أول المنافع... ان شاء الله نتعلم منهم هذا الاسلوب الراقي في الاختلاف والحوار.

تسلم ايدك

تحياتي

فريج سعود said...

في شقق للايجار في مبنى المجلس بعد جم يوم راح تفضى

تبي احجز لك وحدة ؟

Dr. Ali Maarafi said...

Salah
ان شاالله نفهم اسس الصحيحة في التعامل و اسلوب الحوار
هذا اللي نفتقده في الوقت الحالي
و اتوقع هذا اللي لازم نأكد عليه و نلتزم فيه

فريج سعود
اكون صريح معاك ما فهمت بالضبط شنو قصدك
اتمنى توضيحك

TruTh said...

واااااايد استمتعت بقراءة تفاصيل اجتماعكم و التزامكم بفن التحاور الراقي و شي طيب حيل انهم يفكرون يقاطعون الشركات اللي تمول اسرائيل

و ربطك بين اجتماعكم و مجلس الامة فعلا يخلينا نتحسر على اللي يصير عندنا

تسلم ايدك على البوست المتميز جدا و يعطيك الف عافية

سيدة التنبيب said...

هؤلاء الناس قد حلوا مشاكلهم الأساسية منذ زمن .. هم لا يعانون مشاكل التعليم و الصحة و الإسكان المزمنة التي نعانيها .. لذلك تراهم ديمقراطيين و متفهمين و يقبلون الرأي الآخر ..
أما نحن فلا نزال فلا نزال نعتبر الاختلاف بالرأي جريمة و إن لم تكن معي فأنت ضدي ..

يعطيك العافية و أملنا فيكم شباب المستقبل تكونون جيل التفاهم و التغيير للأحسن إن شاء الله

علي الدر said...

...دكتور علاوي

...انا اشك ان ربعك بالاتحاد كويتيين

لانه الي اعرفه عن الكويتي انه ,مو مستعد يسمع للي يخالفه بالراي , يحذف قلاص , يلشط بالعقال , واذا كان معارض يرفع جوتيه


...هذا الكويتي ياعلاوي

الفيدرالي said...

احسنت أخي العزيز

مقال رائع

Unknown said...

انا اقوووول احناراضين عن مجلسنا وبالعكس قاعد نتعلم الفاظ جديدة
وعرفنا الحين بأي وقت ينحذف القلاس والجوتي ...يعزكم الله

كبرياء وردة said...

يا ليت الديمقراطية تعدي

يا حلوكم وحلاة اجتماعكم

تمنيت اكون وسطكم

ابطيت علينا دكتورنا :)

Dr. Ali Maarafi said...

truth
تسلمين ويعطيج العافية على الاطراء
الحسرة اللي بالقلب و المشاكل اللي نشوفها خلتني اكتب هالبوست
يا ختي لو كنتي مومجودة ما تقولين جنهم متعارضين بس مثل ما اسلفت يؤمنون بالديموقراطية

سيدة التنبيب
كل دول العالم لها مشاكلها الخاصة بس في طريقة مقنعة وسليمة للحل
اسألج هل انتي مقتنعة بطرق الحوار و التفاهم اللي عندنا
و بعدين مشاكلنا نقدر نحلها بس احنا نحب نجمع المشاكل كلها ونتعذر فيها

Dr. Ali Maarafi said...

علي الدر

لا والله يابوحسين ربعنا اللي كانوا بالاتحاد اجانب , وعلى قولتك احنا لنا اسلوبنا الخاص


علي اسماعيل الشطي
شكرا على المرور و التعليق

Dr. Ali Maarafi said...

الطائر الحر
و انت الصاج صكينا على المجلس اليمني


كبرياء وردة
الديموقراطية ركن واساس بالمجتمع المعاصر لكننا اسأنا فهمها

عائد و بمقالات اروع ان شاالله القدير